الصلة بين الإبداع و الحرية صلة بين المقدمة و النتيجة، بين الغذاء والكائن الحي، بين الأم ووليدها .. فإذا كان الإبداع عطاء جديدا نافعا في ميدان إنساني ما، فهذا العطاء و ذلك الثراء للحياة الإنسانية فضاؤه الحرية، الإبداع الحر لا ينبع إلا من الذات الحرة، من النفس التواقة، المغرمة بالكشف عن المجهول و تجاوز المعلوم.
الإبداع الحر ينبع، من الرغبة في الإضافة الكائنة داخل الإنسان الفرد ذي الموهبة أولا و في الجماعة التي تحررت من القيود التي تربط بينها أواصر عديدة و ترى الحياة صيرورة متجددة في جميع المجالات تطويرا لما هو كائن و إيجاد لما لم يكن، و غرسا دائما لما يجب أن يكون.
و طالما أن الإبداع الحر في عمقه توق دائم للأفضل و تجاوز لما هو كائن و تحرر من كل القيود كيفما كان نوعها و مهما كان مصدرها، فإنه يتعارض مع الخضوع لأي قيد ، أنه يهفو دوما لتجاوز الواقع إلى ما هوأبعد منه، و إلا لما استحق أن يطلق عليه صفة الإبداع .. و الإبداع الحر المتحرر بصفة أخص.
الإبداع يتعارض مع كل قيد مادي أو معنوي، و مع كل نص مؤسساتي هدفه الإبقاء على ما هو موجود. الإبداع فكر خلاق، و هج أخّاذ، صيرورة متجددة، عملية تجاوز عملية بناء جديدة ومتجددة، قد تكون خطوته الأولى الهدم لإنشاء الجديد محل ما هدم و يهدم، و قد يكون إنشاء جديداً …الإبداع التطوير.. التحسين.. تيسير الحياة الإنسانية.